كتب شين هاريس ونانسي يوسف وآيزاك ستانلي بيكر أن مصير قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في ضربة صاروخية مفاجئة بالدوحة يظل غير مؤكد، لكن المؤكد أن اتفاق السلام الذي رعته الولايات المتحدة يلفظ أنفاسه الأخيرة.

وأوضحوا أن الحسابات الدبلوماسية ليست معقدة، إذ قالت دانا شيل سميث، السفيرة الأمريكية السابقة في قطر، إن ضرب وفد تفاوضي يعني عملياً إغلاق أبواب الحوار. قطر، التي استضافت قيادة حماس السياسية بطلب أمريكي، والتي أدت دور الوسيط الرئيس في المحادثات لإنهاء حرب استمرت نحو عامين، أبدت غضباً غير مسبوق وأدانت بشدة الغارة الإسرائيلية.

بحسب ذي أتلانتيك، أكدت سميث أن الضربة كارثية للاستقرار الإقليمي ولمصالح واشنطن، والأهم لعائلات الرهائن المتبقين في غزة. مسؤولون إسرائيليون تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم أقروا أيضاً بأن العملية افتقرت لأي فائدة استراتيجية، ورجّح أحدهم أن يدفع نتنياهو ثمناً سياسياً باهظاً إذا لم ينجح في قتل القيادات المستهدفة. ووصف مسؤول سابق في الموساد الهدف بأنه "شرير" لكن توقيت العملية "سياسي وأحمق".

عائلات الرهائن عبّرت عن صدمتها، إذ تساءل روبي تشين، والد الرهينة إيتاي تشين، عن جدوى العملية في وقت بدت فيه المفاوضات واعدة بصفقة. وأكد أن نتنياهو يغامر بحياة الرهائن وكأنه يلعب "الروليت الروسية". في الدوحة، كان قادة حماس يناقشون مقترحاً جديداً قدّمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشمل إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار، لكن الصواريخ الإسرائيلية أنهت الاجتماع.

رسمياً، لم تتخل قطر عن دور الوساطة، لكن رئيس وزرائها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني شدد على أن الاستقرار لن يتحقق إلا عبر دبلوماسية مكثفة، لا بالحروب. أما ترامب، فأعلن علناً استياءه من الضربة، فيما أبدى مسؤولون أمريكيون غضباً شديداً خلف الأبواب المغلقة. أحدهم قال إن الهجوم "مزّق" جهود البيت الأبيض لفرض هدنة، بل ورجّح أن يكون هدف نتنياهو إفشال المسار الدبلوماسي عمداً، خصوصاً مع اقتراب الجيش الإسرائيلي من غزة سيتي.

تلاحقت الأحداث بسرعة. في بداية الأسبوع اجتمع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف مع مستشار نتنياهو رون ديرمر وجاريد كوشنر في ميامي لإظهار جدية ترامب في الوصول إلى صفقة. بالتوازي، اجتمع قادة حماس في الدوحة لبحث العرض الأمريكي. لكن في اليوم التالي، وبينما كانوا مجتمعين، انطلقت الصواريخ الإسرائيلية. رئيس هيئة الأركان الأمريكية دان كين تلقى اتصالاً متأخراً من نظيره الإسرائيلي يفيد بقرب الهجوم، لكن الضربة كانت قد بدأت بالفعل، ولم تتحرك الدفاعات الأمريكية أو القطرية لاعتراضها.

داخل البنتاجون، ساد شعور بأن مفاوضات السلام انتهت وأن العلاقات مع قطر دخلت مرحلة جديدة من التوتر. مسؤولون عسكريون أمريكيون تذكّروا الدور المحوري للدوحة في تسهيل الانسحاب من أفغانستان عام 2021، ما جعلهم يعتبرون الهجوم الإسرائيلي "وقحاً" و"متهوراً".

إدارة ترامب وجدت نفسها في مأزق، فهي لا ترغب في الظهور بمظهر المدافع عن حماس ولا في انتقاد إسرائيل علناً، فاكتفت بالاعتراض على مكان وطريقة الهجوم. لكن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن منطق العملية غائب، لأن حماس قادرة على تعويض أي خسائر بسرعة. وأشاروا إلى أن حتى نجاح الضربة لم يكن ليُجبر الحركة على الاستسلام.

اليوم يزداد القلق داخل واشنطن وتل أبيب من أن نتنياهو يتصرف بدوافع سياسية شخصية على حساب تحالفاته، بينما يتساءل كثيرون في المنطقة ما إذا كان ترامب قد بذل ما يكفي لردع شريكه الإسرائيلي. أحد القادة العسكريين الأمريكيين وصف الهجوم بـ"الوقح"، فيما أطلق آخر تعبيراً غاضباً يعكس إحباط المؤسسة العسكرية من مغامرات نتنياهو. النتيجة المؤكدة أن مسار المفاوضات تعرض لضربة قاسية، وأن مستقبل الوساطة القطرية أصبح موضع شك عميق.
https://www.theatlantic.com/national-security/archive/2025/09/israels-qatar-strike-hamas-negotiations/684171/